Friday, February 1, 2008

لولو


تجلس الصغيرة لولو على الأرض، تجمع الأحذية حولها. ترتبها تصاعديا...تنازليا... تنقلها من طرف لآخر ثم تعيد ترتيبها. أرقبها بصمت من بعيد حتى لا أقطع لعبها أو يبتلعها الخجل ولسانها ككل مرة تلمحني مقتربة. تغني لنفسها. تشكل عائلة من الأحذية وتبدأ بنسج قصص عنها. تلتقط زوجين كبيرين و ترك ترك ترك؛ بابا ذاهب إلى العمل! تلتقط آخر.... تتوالى الحكايات والأزواج... انظر بدهشة تامة ورغبة متدفقة بالضحك ملأ قلبي فرحا بها، معين لا ينضب من الحكايا هي. أتابع بصمت ودهشة الحكاية الأولى. أتفرج على عوالم لولو الصغيرة الكبيرة بصمت دفء و حبور. نصف ساعة معها كانت كفيلة بإفهامي لم لا يكتشف كتاب كثر موهبتهم في كتابة قصص الأطفال إلا بعد أن يصبحوا آباء وأمهات. يفتح لهم صغارهم الأبواب ليروهم عوالم نسيوها، عوالم من نسج الخيال، تلك التي كانت موطنهم في يوم، يوم كانوا بعمر صغارهم.
ينهض والداها للرحيل؛ هيا يا لولو... فتنفجر باكية وتتساقط دموعها منهمرة كحبات البرد. يعلوا نواحها وكأن قلبها ينفطر، تركض نحوي تحتضنني وتتابع البكاء. أنظر إليها وأحس بالضياع التام، التفت إلى والديها تخالجني حاجة للتبرير، النجدة، أو التأكد إني لن أجد تهمة ملصقة في عيونهم لجرم لم اعرف أني ارتكبته. أجد الضحكات مرسومة في عيونهم!
تتدخل ماما بحرفية لتفهم ما يؤرق صغيرتها. "لكني لا أريد الذهاب؛ أريد أن أبقى معها! " تفلح وعود ماما بحبات الحلوى وأصابع الشوكولاته وإغراءات اللعب مع أخواتها اللاتي سيحزنّ كثيرا إن عادا إلى البيت بدونها في تهدئة لولو. تبتسم وتسوي فستانها الأبيض وشريطتها الحمراء قبل أن تركض نحو الباب مستعجلة والديها...
أعود إلى الداخل لأجدها تركت لي على المكتب رسمة أو خربشة تمثل فتاة نحتت تحتها اسمي.
-
( إلى صوفي
هبيني الصفاء لأقبل ما لا أقوى على تغيره
والشجاعة لتغيير ما أقوى على تغييره
والحكمة لأعرف الفرق
.)
اقرأ الإهداء لصغيرتة على كتابة الذي بعث إلي... هل كان ليكتب للأطفال إن لم تدخل صوفي إلى حياته وتقلبها رأسا
على عقب، هل كان ليسعى ليكون شخصا أفضل...
-
تحضر لزيارتنا، تتكلم عن الغياب والعودة، تضحك، تحكي... تقطب للحظات ثم تنجلي عيناها ويغشاها نور المعرفة. أي
هدوء! لا رائحة للأطفال هنا. هدوء يتلازم مع الكبار فقط. كأنه بيتي قبل صغيرتي، لم نعرف ما ينقص حتى جاءت.
املؤا البيت صغارا!