Monday, January 14, 2008

وطأ الروح




تبلغ البرودة أوجها. تتملكني رغبة مجنونة بتعرية قدمي. أصبغ أظافري بأحمر قانٍ وأخرج لأضحك مع العصافير مبهورة بأعدادها وصخبها المرح في أحضان الشتاء. تطير مبتعدة رافضة اقتحام غرباء لطقوس فرحها. ما أن أغلق الباب حتى تعود وتعاود صخبها... أجلس إلى نافذتي أتأملها.
تأتي فيجتاز البرد جسدي ليطأ روحي. تسرق فرحي كله ويتلاشى طيف الدفء الذي كنت أنشد عندك.
يمتد يوم و بعض آخر وبعد أعجز عن فك التقطيبة اللعينة التي زرع على جبيني. أي حماقة مغلفة بالوهم تلك التي تجعلنا نصدق أنهم لن يحاولوا امتصاص أرواحنا بشهية ملتوية؟
تحاول اختراق ذاكرتي ولا أسمح لك. لا رغبة لدي بنبش الماضي إرضاءا ً لك. يغضبك تمنعي وأنزعج من تعنتك. تنفرني ملامح القسوة المرتسمة على روحك اللحظة. أعيي يقيناً أن البوح معك لن يكون متنفساً.
"معك لن أمارس البوح، حين أرغب بالبوح سأبحث عن قلب يسمعني"... أرى من ملامح وجهك إن الكلمات خرجت من رأسي لتجلس ثقيلة بيننا...
أفقد بريقي كله وتخبو معلم الحياة من حولي. يتعذر علي فك طلاسم عالم كنت فيه منذ لحظات فقط، من أي باب ولجت إليه؟... أتعذر منك بما أرجو أن يحملني بعيدا عن عينيك القاسية وشفاهك المتهكمة. تمتد شفتاي في ابتسامة مغصوبة وبضع كلمات باهتة تدمغ صك فراري منك. أرفض كل محاولة منك لاستدراج الحديث. أترك كلماتك معلقة وفنجان قهوة باردة و أرحل.
أعود إلى مرسمي الذي تركت لأبحث عنك فتهتُ عن نفسي. أنفض وجهك عن فضائه وأشرع نوافذه للصقيع، ليسوق ملك الريح قطيعة إلى رئتي ويخرجك قسرا. ارتجف أمام لوحة كانت تجمعنا وأرغب بطمس ملامحها لكنني أكتفي بنفيها إلى طرفٍ قصيّ.