Saturday, February 25, 2012

ملح


حديث نفس قديم أيقظه في النفس ما أيقظه،
أعيد إدراجه ها هنا لأجلها؛ تلك الجدايلها شقر.
-------
ملح.

أمسك بالقلم وأعرض نفسي على الكتابة لكن الورقة تبقى صماء لا تسمع من ضجيج رأسي شيئا.
لا خوارق تؤرخ ولا صغائر أرغب بدسها... و تبقى الكمات تؤرقني....
أمسك بكتاب لأضيع نفسي في هذيان الآخرين. تغيم الصفحة أمامي فتختلط عليّ الكلمات.
أجد أني تركت الكتاب و رحلت بعيدا لوما أعادتني قطرات الملح المرتطمة بقميصي. قطرات ملح مبتورة تعجز عن تشكيل خيطي دمع.

كيف يموتون غرباء و يتركون أشيائهم؟ و كيف لا وما عاد من أوطان تحملهم.
أين تراها نظارته... غليونه... حافظته... ثوبه الأبيض إلا من دمه... في مكبٍ ما؟ في جعبة غريب؟
أقلب في كل الأدراج بحثا عن شيء يشي به. اتنقل من حجرة لأخرى، أتحاشى عيونهم و "عم تبحثين؟ ".
ابحث عن رجل جاء ورحل...
أتابع بحثي وأحرص ألا يطأهم جنوني، ليسوا معطوبي البكاء مثلي ولن أطيق استدراج وجعهم.

أما عاد من شيء هنا مسته يدك!
ابحث عنك ولا أجدك. كيف لم يبق منك شيء وكأن لم تكن... ألم تكن؟ كيف لا وأنت تملؤني...
حتى سريرك الذي احتفظت به لسنوات بعدك لم يعد.. كيف أمكنني التفريط به؟ أي قلب ميت تحملين يا امرأة! مال الدموع ومالي؛
لحظتها أتذكر رداءك الشتوي، تحت سريري أجده. ما أن تقع عيني عليه حتى يسكن هلعي.
أضحك أضحك أضحك!
وكأني بحاجة لجماد يذكرني بك، وكل ذرة في تحملك! تبا لهذا الجنون.
يعود إلي سكوني المتشظي منذ أيام. الآن يمكنني أن أعود لكتابي وأكمل القراءة.

Monday, April 5, 2010

طارق


اكتب اليوم لا لشيء سوى التحرش بهذه المساحة التي بدأ الغبار يعلوها افتقار العابرين، وساكنة وحيدة - هي محدثتكم- باتت تهمل تزييت مزاليج أبوابها ومصاريع نوافذها الصدئة ابتغاء تهويتها من آن لآخر. لأني أخاف أن تصبح غريبة عني ويطأها النسيان فلا تعود بيتي ولا أجدها إن أز بي الشوق يوما أو أنا اعتزتها، لأجل ذلك لأني أخاف علي من غيابها، ولأني أخاف أن تضمر الكلمات في حلقي وأعتاد غيابها لأجل كل ذلك أعود اليوم لعلي أتعلم معاودة سكناها.

أستأنس للصمت من حولي واستحلب كلمات لتجيء من بعيد. أصفن في وجه مرآتي، صفيتي الحديث، واستخلص كلمات قد أراها تجلس بدعة أمامي إن أعجزني سماعها وسط ضجيج المحطات الذي يدج في رأسي... عوالم تسكن عوالم.

لأول مرة ربما ومنذ زمن لا أعرف تماما ما أريد، أقع في حيرة لا أعهدها. تحيرني الأسئلة الكبيرة والخيارات المصيرية. أليمين أم اليسار؟ ألشمال أم الجنوب؟
أتبدل مجددا ما يزيد من حيرتي. انتبه لشكلي المختلف؛ لشعري الطويل، لثيابي الهادئة وأتسائل إن كان شيء بداخلي يعزى إليه هذا التبدل السطحي، أم يكون هكذا فعلا، سطحيا وكفى.
أتذبذب عند المفترق ولا أجوبة يقينية. .
أماطل الأجوبة غير محبذة رميات النرد.
ربي رد علي يقيني

Friday, December 25, 2009

نشازات ليلية


استيقظ غير مرة حبيسة الشهقات تلو اعتراضات متكررة من جسدي المتصلب، أحاول استرضائه باستعادة شيء من دفق الحياة التي تحاول
الانعتاق من ثقله. بعد لحظات تعود الدماء الشاردة إلى ذراعي، تسترخي كفاي الساخطتان وأنزلق عائدة لحميمية أحلامي اللاوردية.

كذا ينحسر الليل ومع انبلاجة الصبح أهجر مضجعي المقلق بعيني الوسنى، باحثة عن الخلاص في فنجان قهوة استعذب مرارته...
ينقضي يومي أنّى تأتى له بسكينة أجرجر أذيالها من أمامي ومن خلفي.


تقع عيناي على أطراف أصابعي اللؤلؤية، فأتفكر شاردة في ثورتها الليلية، حين استيقظ بكفين عصيتين على الانصياع لامرأة في قمة ثورتها وغضبها . كفين صادقتين أكثر مما ينبغي لامرأة يفترض أن تكون أنا.

فأتسائل إن كان هدوئي الحياتي هذا محض خيال وإن كانت هذه التجليات الليلية تفضح أكثر من نفس أحاول نزع فتيلها فترضى. أنبوءات
بتشظي وهم كبير أعيشه اسمه الهدوء، فيما هو ليس سوى خدعة أدرب نفسي عليها كل يوم حتى بت أصدقها.

أتذكر تلك اللحظات من الليل وأنا أتابع تلك الرقصة التي تتحدث عن سرطان الثدي، والتي أبكت الجميع قسرا فيما أتسائل أنىّ تتأتى له القوة ليغوص في كل هذا الألم فيخرج بتلكم الرقصة الدامية.

يرتجع بصري نحوي فأعرف أني أهرب. أغلق الأبواب ما دون ألمي، أغمض عيني حتى يتسنى لي التنفس. كيف أغمس فرشاتي في قلبي وأرسم دون أن يسيل دمي و ينفجر من الدمع ينبوع، دونما تشظي يفقدني إتزاني. كيف يتزن ذلك مع خلاص أنشده في طرف هذه الفرشاة ذاتها.

أغوص على غير العادة في رحلات زهرة جويا ولياليها الفارسية، توبخني، أتوجع فاكتشف أني بت أتحاشى الألم حتى في موسيقى قد تعري روحي.

أتكيء على كتفه.
أعتاد الفضفضة الورقية ما بين يديه فأكتب رسالة طويلة،
يطويها ويحملها عني حتى أستكين فلا أتضغضع. صندقي الأسود هو. هكذا نكون ربما نشاطر أناسي حيواتنا وآخرون صخور تحملنا لكيما نبقى طافين على السطح دونما انزلاق.

Saturday, December 5, 2009

أحبكِ والبقية قد لا تأتي


هي البقية الباقية من زمن ماض انفرط شخوصه بين يدي ولم يبقَ منهم إلاها.

تخبو أقبية تطفح باستروجين تتعلق به الأبصار أينما حل، تندثر الضحكات، الغضب، الألم، الأذى والحب

كل ما كان كل شيء، لا يعود شيئا، هو ذا نسي منسي.

تبقى هي الأغنية التي بالبال، ثروتي التي كنزت لا عن شطارة بل حظ صرف.
تجربتي الأولى في الدفاع عما ومن أحب. ووعيي الأول بأني لست بالاستكانة التي ظننت وأن لي رأيا قد استميت من أجله، تجربة ربما
عاشتها مثلي، ما خرقت عهدا بعدم الحديث لم نعلنه وما سألتها قط.
يوم طلب إلي إبراء ذمة وولاء يرفض حضورها في حيزنا الحياتي، يومها عقدت الدهشة لساني، كيف يكون لكم اقحامي في حكاياكم الفجة وكيف يجرؤون على التفكير بطلب مماثل؟ من أجل ماذا؟ ألرجل لا يعنيني في شيء اشتهاها فأبت؟ أدركت عندها أنها لابد وقفت بذات البقعة قبلي.
تأخذني إليها أحاديث جدة، أقلب عيني في فجيعتها وينقبض قلبي أكثر. أدرك لحظتها ما قد يعني
تأخرها علي بُعيد تأكيدات لم أنشدها بـ عيد لابد يجمعنا، عيد هو هذا. أتراها لم تأتِ؟ أترى جدة حبستها؟
أترى... تطوف بذاكرتي آخر مجالس جمعتنا وملامح الفقد في سرادقات العزء في وداع الغائبين.

يتفاقم انقباضي
ألتقط هاتفي أنا القاطعة لأبحث عنها. تجيب فأتبين رنة الشقاوة ذاتها، لتلك الطفلة الشقية بجدائلها الطويلة و شرائطها البيضاء، تلك المراهقة الشقية التي لم تثنها رهبة المديرة الأسطورية عن تخطي سور المدرسة. رنة لم تذبها الأمومة أو السنوات.

يذوب صوتي في زحام مشاعر تهبط علي لحظتها فتعيقني. أستحضر خفة لا أحسها لأمتطي موجة مرح توازيها.
لكن أنى يتأتى المرح من رحم الخوف وأشباح الموت؟ وكيف تسكن انبعاثات الهلع

Saturday, October 3, 2009

مفاتيح


أتتبع أصابع البيانو المرسومة على الحائط، وأتسائل لم أجعلها عالية هكذا
أحاول استذكار... 2،2 شمال، 2، 2،2 يمين. 3، 3 شمال، 3، 3،3 يمين....

تسرق رؤوس أصابعي التوتية تركيزي، فينزلق عن لوح المفاتيح المزعوم و نغمات صامتة لم أكن أسمع في رأسي. في رأسي كانت قرقعة أرقام تتوائم حركة أصابعي اللا انسيابية. .أشعر بالنغمة الحاضرة التائهة بمكان ما بداخلي، لكن دون بيانو يصعب علي استحضارها. ومتى حضر التحمت النغمات سوناتا وتساءلت متى غابت. دوما وجدت التخيل صعبا وعتبة جد عالية على كاحلي المنتفخين.
أتمدد على البساط مع قرار بمحاولة استحضار مخيلتي الضائعة. تزيغ عيناي في الثريا من فوقي، يوم رأيتها معلقة بلونها الزاهي في سقف المحل تعلقت بها...

عفوا! يفترض أن تكون محاولة للتخيل لا رحلة على مرفأ الأيام الخوالي. تخيل لا تذكر.
قفي بيديك ممدودتين إلى جانبيكِ، ثم استديري بشقك العلوي حتى أقصى مدى تستطيعينه. أفعل بلياقة معدومة تشهد عليها سلسلة ظهري المعترضة. الآن! عودي لنقطة البداية بيديك ممدودتين، لكن أغلقي عينيك هذه المرة. تخيلي معي.... تخيلي إلى أي مدى يمكن لجسدك الدوران، فقط تخيلي. أراني أتمدد بمطاطية الأم في الفيلم الكرتوني ذي إنكريديبلز/الخارقون. تقاطع توجيهاته ابتسامتي السعيدة، لا تفتحي عينيك! الآن أعيدي الاستدارة إلى أقصى مدى تستطيعينه. أثبتي وافتحي عينيكِ...
أصرخ ضاحكة وأنا أجد المسافة قد تضاعفت هذه المرة.
ينقر على صدغه، هنا، هنا كل المغاليق. تخفت البسمة لا الدهشة وأفكر هنا المفتاح أيضا.
أعود لنداءات الثريا البارقة... ولكنه لم يخبرني عن الأهم!
كيف أحل هذا المفتاح؟ كيف أمسك بطرفه هذا الخيال وكيف أطلقه بعينين مفتوحتين؟

Wednesday, September 30, 2009

أثباج




أحل رتاج قلبي فتنفتح مغاليق الكلام
يؤز للحظة صدى صمت طال واستشرت طباعه قبل أن ينكفئ و تذهب ريحه
تتفتق أرخبيلات من حروف فتأويني إليها.
ما من شيء يبقى على حاله اشتهيت أم أبيت.
يحل المساء ثقيلا باسطاً أسمال حزن عنّ له الوقوف ببابي. يربكني رحيلها، رباه، أفعلت!
يختل توازن مداركي ولا أدري... ألقي ببريق خواتمي بعيدا عن يدي، أواري كحل عيني، التوت عن شفتي المرتعشين. أجدني بعيدة جدا لحظتها، حائرة جدا، وواعية جدا. أطمس كل معالم زينتي وأسبغ طقوس حزننا.
ترتسم صور الماضي السحيق أمام عيني. هي ذي تجلس على أريكتنا بضفائرها المرفوعة تضحك في وجه المصور، من تُراه كان؛ أكنت أنا؟
البحر، على ثبج البحر كنا، يلمنا قارب صغير وضحكات تشق عنان السماء. دائما على أطراف طفولتي كانت. كيف مات كل ذلك. كيف تموت؟
لا أعرف ما فكرت حين علمت أنها انطفأت بداء كثير ما كان هاجسا تجاهلت و فكرت: ربِ اعصمني منه، وكأن وشاية ما أعلمتني أنه يتربص بي فإذا به يقتنصها! أنا التي لا تحمل هوس الأمراض و تطيرات آخرين حولي، لكن أحمل هاجس غيبيات يعن لبعضها الهمس لي. أتراه دمك ذاك الذي كان يهمس فحسبته دمي، أم أن دمائنا المتقاطعة تحمل حديثا واحدا؟
أترك عني هذا الهم وأكتفي اليوم بهم رحيلها.

ألتقط عباءة خابية ومصحفا أتوكأ عليه وأخرج إليهم. إلى ماض كنت نسيت بعدما تزلزلت الدنيا وانشقت الأرض ما بيننا و باعدت.
يالتلك الوجوه... انحلت عن عالمي. تقع عيني على بعضها قبل أن أراها؛ أخرى كانت رفيق طفولتي الأول. يالله! يا لظلم الحياة، أتراها حقاً كانت القريبة لا الصديقة؟ ألا يحمل كل الأطفال تلك البراءة الفطرية؟... تنفطر تلك الخاطرة ما أن تبدأ بالتشكل.
تتكوم على ألمها فأجثو بجانبها وألمها إلي. يستأسد الحزن علينا فيرتفع نشيجها وأعجز عن النطق بحرف واحد يغيثنا أو يدرأ دفق دمعي على الأقل. أطوقها بذراعي كأنهما ستمتصان ألمها أو تدرآن عنها بعض عذابها حتى يأتي من يدركنا معا بذكر الله.

منهكة أخرج، أجر أذيال حزني و وجعي... أنى لشروخ الحياة أن تلتئم؟

Friday, September 25, 2009

تزاحم أعياد



يكاد العام يطفيء أيامه ويستيقظ أخيرا حنيني إلى هذه المدونة المسكينة. لا، فلأصحح؛ الحنين لا يخبو أبدا لكن حروف كانت تعوزني ترحم حالي فتنتثر عيدية بين يدي.
أفرح بتلقائية للقياه -العيد- دون حاجة للرجوع للآئحة دواعي فرح. كل شيء جد مختلف وعلى حاله أيضا.
كتفاي مرتخيتان وقلبي مطمئن، تتسع مساحة الأمان أمامي فتنعكس عني هالة قد يراها الآخرون، أحسها قطعا.
ماحال عودك يا عيد؟ ما غيرك؟ ما آلفك؟
أخرج معهم وأصفق بحرارة لم أنتظرها لمرئى السماء ملونة ببهجة العيد، يرتجع إلي صدى تصفيقات أخرى من البعيد تشاركنا اللحظة وتأبى إلا إعلامنا حضورها.
أضم يدي إلي و أغلق عيني ممتنعة عن إشعال أيها. ياه! متى تعلمت الخوف من المفرقعات؟ بت أنتمي حقا إلى عالم الكبار وأنا أفقط شجاعاتي الصغيرة واحدة تلو الأخرى.
أأبى عليهم طمس معالم الفرح أيا كانت بساطتها، فأصر على موائد الحلوى ملازمة العيد. أكور حبات الكعك وأنتشي بعبقها...
تكبيرات العيد هي ما أرقب! ومتى أدركتها أمكنني النوم. وكأني بك أمامي لحظتها يا أبي. يرتسم العيد بهيئتك لعشرين عاما مضن أو يزيد: ينفتح الباب مع تكبيرات العيد ليدخلك محملا بحلوى العيد فتجدنا غارقتين مغرقتين الفناء بدعوى تنظيفات العيد. لحظة أسمع التكبيرات يكتمل العيد. أكتفي اللحظة بتداعيات الفرح حولي دون أن أجاهد دمعا يغلبني ما أن تذكر أمامي أو أذكرك مابيني وبيني، دون أن أتذكر رجلا كان لك الدنيا وأدعى اليوم أن لا يذكرك، أمثلك ينسى يا أبي؟ أم أن الذين نسرف في حبهم هم دائما الذين لا يستحقون.
أغفر له اليوم ماكان لأجلك يا أبي، أغفرها كلها! لا يطلبه لكني أهبه إياه لأجلك.
اللهم إني قد عفوت فأعفو

مباركة ٌ أعيادكم كلها

Saturday, May 17, 2008

باب الجنة

إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن
ولا نقول إلا ما يرضي ربنا
-
نحسبك على حال خير مناّ الآن يا هديل.
ولعلك خطوتي أولى تلك العتبات ورأيت ذاك الباب
باب الجنة...
عليك من الله رحمات
-
اللهم اربط على قلوب أهلها وآجرهم
فجيعتهم فيها
.
سبحانك لك ما أخذت ولك ما أعطيت

Friday, March 14, 2008

بذار الشتات


أسبوع من الغياب كفيل بنثر بذار الشتات في روتيني اليومي. في الرسم أحتاج إلى روتين الممارسة. أقف اليوم حائرة وضائعة كطفلة أمام حامل لوحاتي. من أين أبدأ... كيف أبدأ؟... عصية هي البدايات ومستفز هو البياض. أهزم سريعا سريعا... يكفي التحديق في بياض اللوحة اليوم حتى تقع معدتي في باطن قدمي وأشعر بالغثيان. انسحب خائبة وألقي باللوحة بروح غير رياضية. تقع عيناي على لوحات سابقة و صور لأخرى فأنزعج منها كلها، كيف رسمتها؟! تتضاعف مساحة الفزع بداخلي من اختفاء مقدرتي على الرسم. أعرف أنها ليست أول مرة ينتاب فرشي الفتور لكن ذلك لا يسكن من هلعي شيئا... بعد سنوات من الرسم مازال بداخلي بقية غير مطمئنة، تلك التي تسول لي بمكر عدم التصديق.. "أي مدعية، من أوهمك؟!"... أنزعج هذه المرة حتى من صوت وساوسي وأتمتم بـ

oh shut up!

مسموعة. تتولد لدي معاضدة واحترام لنرجسية كنت استنكرها في الآخرين. بحاجة لإيمان مضاعف بنفسك حتى تخرس شياطينك، تقيل عثراتك وتتابع. فقط احترس من الغرق.
يوم صادفتها كنت متخمة بوساوس فنية أخرى، استمعَتْ إليها بهدوء قبل أن تلتمع عيناها ببروق ضاحكة وترسم ابتسامتها الدافئة المزيد من التجاعيد على صفحة وجهها. "في السبعين بدأت الرسم، واليوم... كما ترين... أعلمهُ للآخرين. صدقي بأن الوقت لم يفت بعد!".
أتذكر كلماتها ويشتعل وجهي خجلا – كيومها- من غرقي في شبر وساوس، وأحس بعزيمتي تستطيل وقدماي تثبتان على الأرض... أعود لمتابعة مسابقة التحديق مع لوحتي البيضاء بعينين ضيقتين ورفض كامل للإنسحاب أو المهادنة. ما أن تنحصر مساحة البياض حتى تسكنني سكينة وثقة فيما أفعل. يتشكل وجهه أمامي فأرتاح. تفلح الوجوه دائما من انتشالي من بؤرة اللا رسم. في حين يجد آخرون في البورتريه غريما لهم، أجده البوابة التي تعيدني إلى جادة الرسم. لا شيء أقدر من تقاسيم مملؤة حياة على منحي إلهاما مفقودا.
أنسى نفسي في وجوه الغرباء أحيانا وأحدق بعمق أكثر مما يليق... أرغب بتجميد لحظة استوقفتني ما يسمح لي باقتناصها بألواني... تختلط علي بوصلة المرأة والرسام ، فلا أعرف أيها انتبه فأفقد الثقة بحس المرأة وأخضعة لألف امتحان وامتحان. أبدي الرسام بداخلي... أثق به. اكتشف أني بعد كل هذه السنوات من قراءة ذلك الكتاب الفلكي أتفق معه ولا أثق بمشاعري ولا بما أريد... وأن أضمن طريقة لأبحث عن أقرب نافذة وأقفز منها هي كلمة أحبك
!
على البحر تتقاطع خطواتي الهادئة مع عدوه، يمر أمامي فانتبه لأني افتقدت هذه اللحظة البسيطة التي غدت جزءا من يومي. أتأمل حركته المتناغمة مع إيقاع أزلي خاص بجسده من خلف ستار نظارتي الداكنة فيذكرني برشاقة حركة الفهد الأسود الذي كنت مفتونة به في صغري.
تطفو إلى السطح هلاوس تخطر لي مؤخرا عن حاجة ملحة لرؤية نفسي من زاوية مختلفة، لأراني كما يراني أي عابر. كتلك اللوحات التي لا أكاد أفهم إيقاعها حتى ألتقط لها صورة وأنظر إليها فتظهر جلية، مع أنها تجلس أمامي لأيام على الحامل دون أن أدرك ما بها. أو لحظة نرى أنفسنا في صورة حديثة فنرتعب كم ازداد وزننا، مع أننا نظر في المرآة كل يوم مرات لا تحصى. ما الذي تلتقطه الكاميرا في تلك اللمحة وتعجز أعيننا عن رؤيته؟ أم أن الكاميرا بطريقة ما تختزل عشرات التفاصيل، المعلومات والأحاسيس وتعطينا صورة مجردة... رؤية عن بعد.
أضيع في أفكاري ثم في النوارس المحلقة في السماء خلفه... تهدأ خطواتي أكثر وأنزل نظارتي لأتأمل في تحليق النوارس حوله... انتبه لأني سببت له إرباكاً تجسد نغمة نشازا أخلت حركته... فأشعر برغبة بالضحك والإعتذار في آن معاً والتوضيح بأني توقفت للنوارس لا له - على الأقل هذه المرة-.. اكتفي بإخفاء عيني ومتابعة طريقي... أي اختراع عجيب هي هذه النظارات السوداء...


Monday, February 25, 2008

!أنا تلسكوب؟




بهو عريض...سقف خفيض... وأبواب متراصة.
من السقف تتدلى مصابيح شتى تنير المكان. أجرب كل الأبواب على التوالي فأجدها كلها مقفلة. كيف سأخرج من هنا إذن؟... في منتصف البهو أجد طاولة زجاجية. أنقر عليها ثم انتبه للمفتاح الذهبي الصغير الموضوع عليها. آه! سأخرج أخيرا!. أركض به إلى الأبواب فلا يفتح أيها... أعود وأعيد الكرة دون أن يفتح أي منها لكنني انتبه هذه المرة للباب الصغير في الركن البعيد الهادئ خلف ستارة طويلة... باب صغير و رواق بالكاد يكفي لمرور فأر. باب صغير مفتوح خير من كبير مقفل.. لكن يبقى كيف سأخرج منه؟ ألصق خدي بالأرض لأنظر أين يفضي رواق الفئران هذا فأرى حديقة. جنة! انظر إلى الأزهار الملونة ونوافير المياه وتتضاعف رغبتي بالخروج إليها! في البيت لا نوافير لدينا ولا أزهار. يجب أن أخرج إليها!
فقط لو كنت أعرف كيف أنغلق كتلسكوب لأستطعت المرور.... أعود إلى الطاولة الزجاجية لعلي أجد كتاب "كيف تنغلق كتلسكوب للحمقى" أو مفتاحا آخر على الأقل....
هذه المرة أجد قنينة صغيرة لم أكن رأيتها قبلا. أتمعن فيها وأقرا الكلمة الوحيدة المكتوبة عليها (اشربيني)... لست غبية لأشرب سما، آليس قالت أنه ليس سماً، ليس من الحكمة أبدا شرب السموم.. ممممم. طعمه ليس سيئا أبدا... يذكرني بـ ..... تارت كرز على كاسترد على أناناس على ديك رومي على توفي على توست بالزبدة.
أنغلق كتلسكوب!
أنا تلسكوب؟! سأستطيع الدخول إلى جنتي إذن!


--

- عن آليس في بلاد العجائب لـ لويس كارول

أميرة البازلاء



من النافذة أرى استدارة القمر وبريقه اللافت. أخرج إليه باحثة عن نظرة أقرب وقراءة في وجهه. حين أصل يخبيء وجهه خلف سحابة نائمة، يقرصها فتستيقظ غاضبة وتبدأ بالصراخ ورش الماء بكل مكان. توقظ كل السحب!... يصلون سريعا يبحثون عمن أقلق منامهم فلا يرون أحدا غيري. أفتح فمي لأبرر... لأنفي... هل أهرب؟ ولكن إلى أين!
ينهمر الماء بكل مكان و وحدي أقف وسط العاصفة التي تحملني معها و تلقي بي أمام باب هائل ثم ترحل. أقف في بركة ماء وأطرق عليه بأصابع مثلجة. يفتحون لي وينظرون إلي مستنكرين بصمت بللي... يقطر الماء من رأسي وحتى طرف حذائي الوردي.
ولكنني أميرة! أقولها بحدة وخجل ثم اسكت.
سنرى سنرى... تأخذني من يدي إلى حجرة و تسألني الإنتظار في البهو للحظة...
ترفع كل الأغطية وحتى الفراش عن السرير.من جعبتها تخرج حبة بازيلاء وتضعها على الهيكل العاري. تمر أمامي عشرون خادمة كل منهن تحمل فراشاً، كل واحدة تدخل ثم تغلق الباب، ما أن انتهي من العد حتى تصل عشرون خادمة أخرى بعشرين فراش من ريش البط الناعم.... يدخلن ويغلقن الباب تباعاً وأنا واقفة في البهو...
يفتحون لي فأجد كرسيا بمنامة وردية موضوعة عليه و سريرا شاهقا. متعبة جدا.... ألبس منامتي الوردية وأرتقي السلم الموضع بجانب السرير. استلقي فوق الأربعين مرتبة وأنام غير قريرة...
استيقظ بوجع في أسفل ظهري وأطراف منملة... أشعر برغبة بالبكاء لكنني أتذكر بللي ليلة أمس ولا أرغب بأي بلل ولو كان من الدمع.
حين أخرج أجدها تنتظرني في البهو... هل نمتِ جيدا؟ انظر إليها بصمت بعينين متعبتين وهالات سوداء. ترى يدي تمسد أسفل ظهري.. تبتسم بفرح وتقول لم تنامي جيدا! أنت أميرة حقيقية إذن!
يرتفع حاجباي فقط ولا أجيب... ألم أخبرها بالأمس أني أميرة؟!
------






عن "الأميرة و حبة البازيلاء" للمبدع هانس كريستيان آندرسن



في البدئ كانت أميرتي هنا صحراوية تحملها عاصفة رملية لكني آثرت العودة لها كما ...


قد أعود لتتمها بتلك التيمة في وقت آخر






Thursday, February 21, 2008

الكمال المفقود


يروى عن باولوا ابن كويلو عن أفلاطون. أننا في البدء كنا كائنا واحدا. عنق ممتد، رأس ووجهان متلاصان، وجه لامرأة وآخر لرجل، أربعة أيدي وأربعة أرجل...


أثار هذا المخلوق المكتفي بذاتيه الملتحمتين غيرة وحقد الآلهة الإغريقية... بأذرعه الكثيرة القادرة على الإنجاز، بأقدامه الكثيرة التي لا تكل المشي، برغباته المشبعة...
لاتراعوا، قال زيوس. وجد كبير الآلهة زيوس الحل الناجع الذي سيرضيهم فضرب ظهر هذا الكائن بصاعقة قاصمة فصلته إلى جزئين...
تشتت الأجزاء ...ضعفت الهمم... فقد كل منا نصفه الآخر، فقد كماله في توحده مع الآخر... ومن وقتها وبني البشر يهيمون على هذه الأرض يبحثون عن هذا الكمال المفقود، عن رجل وامرأة وعناق يضمهما.


-


*هذه الحكاية أقرؤها للمرة الأولى في رواية "11 دقيقة " لـ باولو كويلو. تصرفت في الرواية لكن المعنى ذاته.

Tuesday, February 19, 2008

أنا و دينا ومرطبان المربى



مثل آليس يدفعني الفضول وملل الظهيرة إلى اللحقاق بالأرنب، أتبعه لداخل الجحر فمازال النهار طويلا ولا أظن أن أختي ستفتقدني إن غبت قليلا... أنزلق! فأجدني أسقط في بئر عميق.... أتابع سقوطي السرمدي بتململ أليس وحوارات أجريها مع نفسي. أي حفرة هذه، متى أطأ الأرض! أحاول أن استبين أين سأقع لكنني لا أرى للبئر نهاية فالظلمة حالكة جدا بالأسفل. أتابع سقوطي المتمهل و انظر حولي أتأمل الأشياء وأنا أتابع السقوط... أدراج و رفوف ممتلئة بالكتب. ممم أحب الكتب، أتسائل عما تتكلم هذه الكتب. ليتني استطيع سؤالها... ها هو مرطبان المربى الذي مرت به آليس لكنه ممتلأ هذه المرة. التقطه وأحكم قبضتي عليه حتى لا ينزلق، يقع مني الغطاء! لكن لا يهم، لن يقتل الغطاء أحدا إذا وقع على رأسه، المهم المرطبان. أتجاهل تعليمات أمي عن آداب الطعام وأدخل إصبعي في المرطبان وألعق المربى... مممم. لا أحب المربى لكنها حلوة كمصاصة ذائبة! لم نأكل شطائر مصاص ذائب؟. مازلت أسقط أسقط أسقط....سأكون أسعد بكثير إذا وصلت إلى الأرض هذا المرطبان ثقيل...
أحلم بقطة آليس دينا فلا قطة لدي لتفتقدني. دينا يا عزيزتي ليتك كنتِ معي. للأسف لا فئران هنا حولي لكنك قد تصطادين خفاشاً و هو يشبه الفأر كثيرا كما تعلمين. أتسائل إن كانت القطط تأكل الخفافيش...
أي نعاس... سأغفو للحظة فقط.... يدي بيد دينا؛ نمشي سويا... هل سبق وأكلت خفاشا يا دينا؟ اصدقيني!

----------------------------------------------------------------

*
· منذ زمن وأنا أنوي قراءة آليس في بلاد العجائب، اليوم وجدت نسخة إنجليزية أمامي ولم استطع إلا أن أقرأ فيها قليلا! ووجدتني أحلم بنفسي آليس. ربما سأحلم مع كل فصل وأجيء هنا لأهذي قليلا...
أي حالم مع مرتبة الشرف هذا الـ "لويس" ليكتب قصة كهذه!
.

Sunday, February 17, 2008

حتى لا تتشاجر الألوان


اضبط منبهي على الرابعة فجرا، بعد حين استوعب أن الصراخ الذي يملأ الحجرة ليس جزءا من كابوس آخر إنما المنبة.
استيقظ وتراودني نفسي بالعودة للنوم، أرفض وانسل من فراشي سعيدة بعتمة ما قبل الفجر.
اليوم استيقظ دون المنبه، الذي كسرت في آخر تقلباتي الليلية التي لا تنتهي بحثا عن منام مريح أكثر، بعد المرة المائة بعد الألف لا يفيق من الإطاحة به عن الكوميدين ويخر صريع قلقلتي. انظر لساعتي فأجدها الرابعة. أميل أكثر لاتهام سلبية أخي تجاه منبهي و نقمته على أوقاته الغير حضارية في القضاء عليه، فهو – المنبه- متعود على خبطاتي ثم ضرب الحبيب لا يقطع النفس!.
في البدء كانت تلك الساعات الأجمل للرسم فطمعت في استحلابها يوميا، أما وقد اصبحت عادة الآن كففت عن استثمار هذا الوقت في الرسم... انهض لفنجان قهوة هاديء وإفطار رائق... كم يختلف الإفطار حين لا يكون محطة ترانزيت. أحضر سلطة من الفواكة وانساق في تنسيق الوانها. أتذكر "جريت" وهي تقطع الخضار لأمها ثم ترتبها كل على حدى، وحين يسألها الرسام فيرمير لم تختار هذا الترتيب ترد : حتى لا تتشاجر الألوان. في رواية "فتاة بقرط لؤلؤي" للكاتبة ترايسي شيفاليير كانت جريت الفتاة التي استقدموها للخدمة في منزل الرسام يوهان فيرمير ووحدها كان يسمح لها بدخول مرسمه وتنظيفه.
انظر إلى سلطتي ويريحني ألا تتشاجر الألوان.
بحلول التاسعة أجد مساويء الشذوذ عن العوام و تغيير ما لا يلزم، أجد لدي متسع لا أعرف فيم املؤه سوى بإفطار ثانٍ! اترك الكتب مشرعة وأنا ضائعة بينها، أريد أن أقرأها كلها فأضيع بينها. أجد ترجمة عربية لـ فينوس وأدونيس لـ شيكسبير التي لفت رأسي خلال اليومين الماضيين بانجليزية عسرة على هضم استيعابي، اقلب فيها ولا أحبها كثير وأقرر العودة لعسرتي السابقة. ألمح الدنيا المسحورة لـ سيد قطب وأتذكر أني لم أقرئها بعد! أقرأ بضع صفحات وأسعد جد أنها تتابع حكاية شهرزاد و شهريار في الليلة المائة بعد الألف. من فترة شاهدت فيلما تلفزيوني أجنبي من جزئين عن ألف ليلة وليلة أو
Arabian Nights
كما يسمونه في ترجمته الإنجليزية، وأتذكر كم أحببت تصوير الممثل لدور شهريار على شفا حفرة من الجنون. الآن يرتبط وجهه لدي بصورة شهريار. دائما تلفتني – في الأفلام/الروايات - الشخصيات الغير سوية أو تفتقر لشيء من الإتزان كيف يحدث أن نتشتت هكذا ونحن نقرأ شيئاً نحبه؟ أقرر أني بحاجة لتركيز أفضل لمتابعة رواية سد قطب فأتركها لأجل لعله قريب.
يبدو الإفطار هدنة معقولة جدا، وأكثر متعة من ممارسة التمارين الرياضية... أهرب إليه حتى أرسم خطة عمل/قراءة واضحة. مع الضحى تحضر أمي، استمع إليها وأوقن بحاجتها لكنائن تمارس عليهن دور الحماة حتى تقدر الهبة – أنا – التي وهبا الله إياها وعندها لن احتاج لتذكيرها بأني ابنتها ولست كنتها!. يطير رواق الصباح وحين تسول لي نفسي التأفف أذكرها –نفسي- بأني كبرت *(أخوك الكبير يا ولد! ( وأفلح في كتم تأففات مراهقة لم تزل فيّ. سريعاً تعود نغمات الانسجام وتخرج مبتسمه.
القرب المبالغ مع الذين نحبهم يغتال علاقتنا بهم، لا يبقى من حيز للتنفس وبدل أن بحث عنهم كل يوم ونمطرهم بوابل من الهواتف تطمئن تسأل تشكي.... نبحث عن لحظات نشتاق فيها إليهم. أمي أريد شقة، فتجيب ألا تكفيك حجرة؟ خذي الغرفة الفلانية شرحة واعتبري ان ذلك الجزء من البيت لك، لن نطأه إن أحببتِ. أقطب و تضحك. جادة أنا، أحتاج لمساحة خالية إلى مني. تنظر إلي ولا تفهم. افقد الأمل في إيصال قصدي إليها دون إزعاجها، ما المزعج في أن نريد أعشاش خالية؟ هذا عش مأهول وأحتاج مساحة جديدة تخصني. فطرتي هنا سوية تماما ولا رغبة لدي بالتعلق بمريلة أمي أبد الدهر. هكذا فطرنا... وإن لم يكن ما لقنت بأي شكل. يخطر لي أني لم أحلم يوما بفستان أبيض و فارس على حصان أبيض. بالعكس كانت الصورة منفرة تماما لتمردي ورفضي للقمع والتسلط. كيف يحدث أن ربطت الاثنين ببعض؟ وفي حين كنت استمتع بالحلم مع الروايات الرومانسية لم أستطع ربطها بأرض الواقع. وقررت إن لم توجد حياة كتلك التي يحكونها في الكتب فالله الغني! يخطر لي حديث الفساتين والفرسان لأني قبضت على نفسي غير مرة أتابع عروض لفساتين أعراس بتمعن، وأرسم أشكالا برأسي لما قد يناسبني - وهو ما لم أفعل يوما- ويبدو غريبا وطريفا للغاية! حلمت بالطفل لا بالزوج، و حين يسألني أحد طيب يا فالحة ما الزواج هو الطريق إلى الأولاد كنت أجيب بثقة و جدية: سأتبنى!
اكتشف أنه عالم بأسره لا أعرف شيئا عن الحلم به أو التعاطي معه. يسألني أخي عن زفاف حضرته أخيرا... أحدثه عنه، يبتسم و يدعو لي بالزوج الطيب فأنظر إليه باستغراب ولا أعرف بم أجيب. مع أمي أمر بباب الفندق الجديد، تشير لمبنى صغير جانبي فأخبرها أنه صالة للمناسبات "خلاص نعمل فيه زواجك إن شاء الله"، مجددا أنظر إليها باستغراب وأيضا لا أعرف بما أجيب. حين أبدي إعجابي بمصباح كرستالي في محل ما تقول "حين نجهز بيتك نشتريه"، انفجر هذه المرة ضاحكة وهي تنظر إلي باستغراب. وأشك أن أفكاري تكتب على وجهي وماهم إلا يعلقون عليها! أم أننا حين نحلم فقط يبدأ الكون في التواطيء معنا لتشكيل هذا الحلم؟ كل ما علينا أن نتخطى تلك العتبة الأولى. عتبة الحلم.


---------
* سلطان في مسرحية "العيال كبرت".

Friday, February 15, 2008

أصص وخضرة روح


تورق أخيرا... بعد قحط وعراء سكنا هذا الفناء لعام وبعض عام لغير ما عذر مقبول تبعث فيه الحياة. انظر للأصص القليلة الموزعة في انتظار غرسها، أتذكر بحنين كل الخضرة التي كانت... عبق الياسمين، حمرة التوت وأوراق الليمون العطرية...
هناك كانت تتهادى زهور الشمس باسقة ناح السماء، معها اكتشفت أن الببغاوات تعرف الطريق إلى بيتنا فقط لو زرعنا لها زهور الشمس!
أذكر نفسي بحمد تلك النعمة الصغيرة – تلك الأصص الخمسة- لتربوا وتفيض على الفناء القاحل.
حين استحال رملا أصفر لا تسكنه الحياة كرهت لحظات المرور به، انتابني شعور كريه بأنه أصبح انعكاسا لساكنيه، انعكاساً لي... يعري دواخنا بعد أن كان يستر عري أرواحنا بأوراقه الخضراء. صرت اتجنب النظر إليه حتى لا أراني فيه.
اليوم يورق ببطء... قليلا قليلا يعود ويحيا. رويدا رويدا.
حول حوض الماء الصغير تتجمع الطيور كل صباح لتشرب، وكل صباح أحضر فنجان قهوتي و أعرج على نافذة المطبخ حتى استقي من منظرها وأروي روحي. واليوم يورق الفناء... يورق من جديد. تعود الحياة إليه... إليّ؟...
حين تقتحم أفكاري أحاول تجاهلك بشراسة فأجد رسائلك بين يدي... اكتشف أني لم أفلح بعد في غلق نافذة ميتافيزيقية تصلني بك. في لحظات نادره يمر عليّ عالم يعنيك أن تدركه فانتعل حذاء واطي برباط صارم و أرسم على وجهي تقطيبة وشنب قبل أن أكتب لك سطر أو اثنين يدلونك على طريقه وأهرب إلى ما وراء النهر...لست سوى أحد رفاق قهوتك الليلية وأحاديث الكتب وإياك أن تنسى فلن أنسى!... أعرف أنك تقرؤها بين السطور لكننك تتجاهل بوز حذائي العريض وشنبي الكث... أجيب بكلمات تناسب دوري المتقمص...تمتعض و تسكت
.

كل عام وأنت ومنك وإليك الحب.

أتأمل بطاقتك وتملؤني رغبة بالبكاء! لازلت تملك القدرة على استدراج دموعي إذن. أرفض الانصياع لها فترحل سريعا. أعض على رغبة بالضحك تنبعث مكانها و أنا أتذكر أبي نواس و "داوني بالتي كانت هي الداء"، وحلم بأدونيس يمحوك من عالمي بخصلاته الشقراء وعيونه العسلية وعفويته المفاجئه. مذ رأيت ذاك الحلم اطمأننت لأن الحياة ستستمر بعدك.
أجد أني لا أملك ما يكفي من الشراسة لأفصح لك عن كل ما يعتمل برأسي وما تستحق، وحتى لا تشير إلي كمصدر لأي وعكة صحية تلم بك كما كنت تفعل متجاهلا رأي الأطباء كحماقة لا تفقه القلوب. أقرر ألا أشركك بها فأدون
بعضها حتى أفرغك من رأسي بسلام بدل أن تترسب قرحة تخترق جدار معدتي... من قال أن الكتابة للأدباء فقط.




Friday, February 8, 2008

على أكتاف دبِقة


أسرف في تعلقي ببسكويت الشوكولاته وافتقد وجوده إن مر يوم دون أن يجلس بسحنته الداكنة وقلبه الأبيض على مكتبي. ينتعش غرام الطفولة به فأبحث عنه. أتذكر كل ما يقال في الحب والشوكولاته. هل حقا نبحث عن المواساة في أحضانها دونما انتباه منا؟ هل يغني لوح شوكولا عن الحب؟ آه أن نرمي بحمولنا على حلاوة كتفها الدبق؛ تلك الشوكولاته! يبدو ذلك أطرف وأسخف من أن يكون حقيقا. ما أحلى الحياة الطريفة السخيفة، تبدو مريحة.
يوبخ تعلقي بها وفقداني لإتزاني الغذائي المحموم أنا التي كنت لا أرى الحلو إلا في المناسبات. يعدني بأرطال لن تقوى ثيابي على حملها إن لم أكف. أقطب في وجه وقاحته ثم أعده بنزق بالإلتزم ببرنامجه الرياضي فقط ليكف عن إزعاجي.” مازلت أجمل وأرشق منك أيها الوقح!”. أهدده بالخربشة بفرشاتي الملأى على وجههه إن لم يخرج فورا من مرسمي، تتردد ضحكاته في الأرجاء قبل أن تنساب متقصية آثار خطواته الرشيقه إلى البهو الخارجي..
.

في وجه البحر ابتسم. يغمرني تناقض دفئ الشمس والنسمات الباردة، دوما أحببت التناقضات... أشعر بامتنان مضاعف لإلحاحه الذي أتي بي إلى هنا. أتجنب خطوات العابرين حولي وأبحث عن مساحة تحتويني لا يشاركني فيها أحد. أتجاهل الجميع حولي وأتخيل أني وحدي هنا دون عربات أطفال تحاول فرم أطرافي، دون قناصين يبحثون عن فريسة جديدة أو مهرجين يبحثون عن مكب لنوادرهم السمجة. في هذا الزحام وحدي مع البحر والشمس.
تشدو فايزة أحمد في أذني تغني نزارا....
لا تدخُلي
وسددتَ في وجهي الطريق بمرفقيكَ، وزعمتَ لي
أن الرفاق أتوا إليك، أهُمُ الرفاق أتوا إليك
أم أن سيدةً لديك تحتلُ بعدي ساعديك ؟
وصرختُ محتدماً قفي ! والريحُ تمضغُ معطفي
والذل يكسو موقفي… لا تعتذر يا نذلُ لا تتأسف
أنا لستُ آسفةً عليك، لكن على قلبي الوفي
قلبي الذي لم تعرِفِ . ماذا لو انكَ يا دني أخبرتني
أني انتهى أمري لديكَ. فجميعُ ما وشوشتني
أيامَ كنتَ تحبنيَ ؛ من أنني …
بيتُ الفراشةِ مسكني وغدي انفراطُ السوسنِ
أنكرتهُ أصلاً كما أنكرتني
لا تعتذر
فالإثمُ يحصدُ حاجبيكَ وخطوط أحمرها تصيحُ بوجنتيك
ورباطُكَ المشدوه يفضحُ
ما لديكَ ومن لديكَ
يا من وقفتُ دمي عليكَ
وذللتنيَ ونفضتني
كذبابةٍ عن عارضيك
ودعوتُ سيدةً إليكَ وأهنتني
من بعد ما كنتُ الضياء بناظريك
إني أراها في جوار الموقدِ؛ أخذت هُنالك مقعدي
في الركن ذات المقـعدِ
وأراك تمنحها يداً مثلوجةً؛ ذاتَ اليدِ
سترددُ القصص التي أسمعتني
ولسوف تخبرها بما أخبرتني
وسترفع الكأس التي جرعتني
كأساً بها سممتني
حتى إذا عادت إليكُ لتروُد موعدها الهني
أخبرتها أن الرفاق أتوا إليك
وأضعت رونقها كما ضيعتني
-
يجذبني حقد كلمات نزار أكثر من أناقة ما غنت فايزة، ربما لأني لا أجيد نفث غضبي حمما بركانية بدل من عواصف الثلج....

تصلني صيحات خافتة من البعيد لا أتبينها. انظر حولي باحثة عن مصدرها، على وجه الماء أجدها! تتسمر قدماي و أنظر ...
آه... طيور الفلامنجو... يمتلأ قلبي دفئا بمنظر تلك الطيور بسيقانها الرشيقة وأطرافها الوردية. اتأملها طويلا طويلا بفرح طفولي لا يشوبه شيء... من كان ليظن أن أهل الصحراء لهم نصيب من ذلك الجمال، لم أعرف أبدا أنهم يعرجون علينا في رحلاتهم الشتوية.
ما أطيب منظرها.... لو أمكنني التزود منها كل يوم بدل بسكويت الشوكولا
!

أعود لبيت ممتليء وجلسة لا أرغب بالمشاركة فيها... تشكو إلي حال ليلى"بكاءة هي؛ ليتها تكون مثلك!". انظر إليها غير فاهمة. لا أعرف إن كان ما أسمع مدحا أم ذما. اضحك بعد لحظة وأجيبها: بكينا كثير وبعدين؟
استبين حقيقة أني لا أذكر آخر مرة بكيت فيها وإن في عزلتي خلف الحجب... معه بكيت كثيرا ولم أبك بعده. "أحب أن أراك تبكين، أريد أن أُبكيك"... لم نفترض بغباء أن أي شيء لم نشهده يعني أنه لم يحصل.
دوما تستيقظ فطرتي النسوية في حضرته وأتوجس من استيقاظ نزعة للقسوة قد تسكنه، فأستحضر تاريخ قبيلتي ونساء تسِم النسوية جباههن ليحمينني ...
استنفذ طاقتي للدموع ويريحني غيابها؛ لا تريحني. ثم كيف لي أن أوازن بينها وبين الفرح، قسرا أتعلم الفرح حتى يغدو عادة. أتبادل الأماكن و ليلى، أفقد دموعي و تكتسبها أنهارا. أشاطر حزنها ووحدي أفهمه، لكن كل منا تتعامل معه بطريقتها هي دموعا وأنا فرحا!

* اللوحة أعلاه لـ جبر علوان

Friday, February 1, 2008

لولو


تجلس الصغيرة لولو على الأرض، تجمع الأحذية حولها. ترتبها تصاعديا...تنازليا... تنقلها من طرف لآخر ثم تعيد ترتيبها. أرقبها بصمت من بعيد حتى لا أقطع لعبها أو يبتلعها الخجل ولسانها ككل مرة تلمحني مقتربة. تغني لنفسها. تشكل عائلة من الأحذية وتبدأ بنسج قصص عنها. تلتقط زوجين كبيرين و ترك ترك ترك؛ بابا ذاهب إلى العمل! تلتقط آخر.... تتوالى الحكايات والأزواج... انظر بدهشة تامة ورغبة متدفقة بالضحك ملأ قلبي فرحا بها، معين لا ينضب من الحكايا هي. أتابع بصمت ودهشة الحكاية الأولى. أتفرج على عوالم لولو الصغيرة الكبيرة بصمت دفء و حبور. نصف ساعة معها كانت كفيلة بإفهامي لم لا يكتشف كتاب كثر موهبتهم في كتابة قصص الأطفال إلا بعد أن يصبحوا آباء وأمهات. يفتح لهم صغارهم الأبواب ليروهم عوالم نسيوها، عوالم من نسج الخيال، تلك التي كانت موطنهم في يوم، يوم كانوا بعمر صغارهم.
ينهض والداها للرحيل؛ هيا يا لولو... فتنفجر باكية وتتساقط دموعها منهمرة كحبات البرد. يعلوا نواحها وكأن قلبها ينفطر، تركض نحوي تحتضنني وتتابع البكاء. أنظر إليها وأحس بالضياع التام، التفت إلى والديها تخالجني حاجة للتبرير، النجدة، أو التأكد إني لن أجد تهمة ملصقة في عيونهم لجرم لم اعرف أني ارتكبته. أجد الضحكات مرسومة في عيونهم!
تتدخل ماما بحرفية لتفهم ما يؤرق صغيرتها. "لكني لا أريد الذهاب؛ أريد أن أبقى معها! " تفلح وعود ماما بحبات الحلوى وأصابع الشوكولاته وإغراءات اللعب مع أخواتها اللاتي سيحزنّ كثيرا إن عادا إلى البيت بدونها في تهدئة لولو. تبتسم وتسوي فستانها الأبيض وشريطتها الحمراء قبل أن تركض نحو الباب مستعجلة والديها...
أعود إلى الداخل لأجدها تركت لي على المكتب رسمة أو خربشة تمثل فتاة نحتت تحتها اسمي.
-
( إلى صوفي
هبيني الصفاء لأقبل ما لا أقوى على تغيره
والشجاعة لتغيير ما أقوى على تغييره
والحكمة لأعرف الفرق
.)
اقرأ الإهداء لصغيرتة على كتابة الذي بعث إلي... هل كان ليكتب للأطفال إن لم تدخل صوفي إلى حياته وتقلبها رأسا
على عقب، هل كان ليسعى ليكون شخصا أفضل...
-
تحضر لزيارتنا، تتكلم عن الغياب والعودة، تضحك، تحكي... تقطب للحظات ثم تنجلي عيناها ويغشاها نور المعرفة. أي
هدوء! لا رائحة للأطفال هنا. هدوء يتلازم مع الكبار فقط. كأنه بيتي قبل صغيرتي، لم نعرف ما ينقص حتى جاءت.
املؤا البيت صغارا!



Monday, January 14, 2008

وطأ الروح




تبلغ البرودة أوجها. تتملكني رغبة مجنونة بتعرية قدمي. أصبغ أظافري بأحمر قانٍ وأخرج لأضحك مع العصافير مبهورة بأعدادها وصخبها المرح في أحضان الشتاء. تطير مبتعدة رافضة اقتحام غرباء لطقوس فرحها. ما أن أغلق الباب حتى تعود وتعاود صخبها... أجلس إلى نافذتي أتأملها.
تأتي فيجتاز البرد جسدي ليطأ روحي. تسرق فرحي كله ويتلاشى طيف الدفء الذي كنت أنشد عندك.
يمتد يوم و بعض آخر وبعد أعجز عن فك التقطيبة اللعينة التي زرع على جبيني. أي حماقة مغلفة بالوهم تلك التي تجعلنا نصدق أنهم لن يحاولوا امتصاص أرواحنا بشهية ملتوية؟
تحاول اختراق ذاكرتي ولا أسمح لك. لا رغبة لدي بنبش الماضي إرضاءا ً لك. يغضبك تمنعي وأنزعج من تعنتك. تنفرني ملامح القسوة المرتسمة على روحك اللحظة. أعيي يقيناً أن البوح معك لن يكون متنفساً.
"معك لن أمارس البوح، حين أرغب بالبوح سأبحث عن قلب يسمعني"... أرى من ملامح وجهك إن الكلمات خرجت من رأسي لتجلس ثقيلة بيننا...
أفقد بريقي كله وتخبو معلم الحياة من حولي. يتعذر علي فك طلاسم عالم كنت فيه منذ لحظات فقط، من أي باب ولجت إليه؟... أتعذر منك بما أرجو أن يحملني بعيدا عن عينيك القاسية وشفاهك المتهكمة. تمتد شفتاي في ابتسامة مغصوبة وبضع كلمات باهتة تدمغ صك فراري منك. أرفض كل محاولة منك لاستدراج الحديث. أترك كلماتك معلقة وفنجان قهوة باردة و أرحل.
أعود إلى مرسمي الذي تركت لأبحث عنك فتهتُ عن نفسي. أنفض وجهك عن فضائه وأشرع نوافذه للصقيع، ليسوق ملك الريح قطيعة إلى رئتي ويخرجك قسرا. ارتجف أمام لوحة كانت تجمعنا وأرغب بطمس ملامحها لكنني أكتفي بنفيها إلى طرفٍ قصيّ.

Sunday, January 6, 2008

رواق القمر


ويمضي العيد، تمضي كل الأعياد. تخبو مواسم الفرح و تعود الحياة إلى سابق رتابتها، بعد أسابيع حافة بالترقب، الفرح، الإستعداد، كيف؟ لمَ؟ لا يهم. ينتهي كل شيء وتبقى أنت.
زحام الشوارع، الأسواق المكتظة، تكبيرات العيد ترفل في كل مكان.... كلها رسمت ملامح أيامي الماضية. صخبٌ في صخب. حين أضيع بين أمواج المحتفين وأتوه في وجوه لا أعرفها فوق فناجين القهوة الساخنة، تلك أسعد لحظاتي.
استيقظ فجأة من أحلامي لأجد عيني معلقتين بعيني ذلك الغريب دونما انتباه مني فأقطع سياق حديث لم أعرف أينا افتتحه، فقط وجدتني طرفا فيه. لم أكن يوماً من مجيدي لغة العيون؛ أنا التي أميل لتخبأتها خلف نظارتي الكبيرة الداكنة، فإن لم تسعفني الشمس اختبأت خلف كذبة طبية أنيقة تكسر من حدة ضوضاء أحاديث العيون.
كانت تشدو بسعادة غامرة، تغني نجاة الصغيرة بملائكية رفعتني معها إلى السماء السابعة حين تذكَرت فجأة سياق حديثنا ما قبل شرودها الشجي لتعيدني إلى الأرض. "ولكن كيف! كيف لا تجيدين لغة العيون؟ أما حدقت بعيني غريب فتركتما لعيونكم أول الكلام، منتصفة وآخرة؟ "....
افتح عيني لأرتطم بك! في ذاك الراق المهجور إلا مني ومنك، ومن رفوف عابقة بموسيقى بيتهوفن. تتراقص أنوار مصابيحه وكأنها مزكاة من زيت قمري استمد ضياءه من نوتات سوناتا ضوء القمر... كعادتك تقتحم ذكرياتي لتزرع نفسك في الأمس البعيد قبل اليوم. في سوناتا الطفولة،
لانكوم، وحسناء باريسية تمارس طقوس زفافها... وأنت! دائما أنت.
أغوص في معطفي باحثة عن مهرب منك ومني. أمني النفس بأنك ربما لم ترني.
أغضب منك أن كيف لم ترني؟! كيف لم تشعر بوجودي بهذا القرب منك.
معك ينتابني جنون الغيبيات فأجزم أن ميتافيزيقيا ما تصل بيننا، لكني بعد اليوم لم أعد أجرؤ على اختبارها...
انسل هاربة من أول مخرج يصادفني لتمطرني بنداءات إلكترونية لا تكل. كنت أعرف إني لا أحب هذه الجواسيس الجوالة لسبب، هي أول من يفضح تواجدك حيث لا ينبغي بك أن تكون!
هل حقاً مضت كل تلك الشهور دون أن تغمرني عيناك، دون أن أتفيأ بك، دون أن أنعم بالدفء؟
لم أختبر الشتاء معك! أتصدق بأن الشتاء هو ما دفعني لدخول ذياك الروق برغم اسمك المعلق في سمائه؟ مذ دخل الشتاء وبعض مني يسأل عنك دون أن يهمد.
أصافحك، أتبادل وإياك كلامات لا تعنيك ولا تعنيني، نتحدث عن لاشيء كما الغرباء، قد أصبحنا غرباء إذن. استعيد يدي سريعاً وأتأمل المكان حولي. سأتزوج قريباً؛ ألقيت بها لتقيس بها درجة حرارتي، امتحان آخر من امتحانتك التي أخفق فيها أبدا. ابتسم بهدوء تام وأبارك لك. أرى العواصف تتكون في عينيك ولكن ذلك لم يعد يهم، انتهى وقت ذلك. ألتقط أشيائي لأمضي. لعلة خير إذن هذا اللقاء فقد آن لي أن أطوي هذه الصفحة.
تباغتني حاجة للضحك حين تطلب إليّ الحفاظ على صداقتنا. دوما تجلس أحلام مستغانمي على ضفتنا. " لم أعتد مصادقة جسد أشتهيه" هكذا ببساطة تقفز كلماتها ما بيني وبينك، أنت الذي لا تقرؤها ولا أحدثك عنها. أبدا أخبؤها عن عينيك. أجيد كتم الأسرار- تعرف- فأجلس على صندوق باندورا بهدوء ولا أفصح لأحد عما يحوي، فقط ألتقط ما يُمَد إليّ فأضمه إلي صندوقي وأعاود الجلوس.
أتصنع الصمم وأمشي مبتعدة. كيف أشفى منك إن لم تتبعد. تدعوني قطرات المطر المتساقطة، أخرج إليها عطشى. أرفع يدي ووجهي نحو ذاك المنهمر. أدعو. أدعو، أدعو.... علي أصادف فرجة في السماء تتخللها دعوتي فأجد الخلاص الذي أنشد. ربي نقني منه كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، ربي اغسلني منه بالماء والثلج والبرد...

Wednesday, December 12, 2007

مسافرة عبر الزمن


مسافرة عبر الزمن ...
فيما كنت أتصفح مدونة
يوميات اليوم بالصدفة، عثرت على هذا الـ "تاج" – ( بتاريخ 15 ديسمبر2006) - الذي أضاع طريقة إلي.
واليوم - وبعد عام- ها أنا أذهب إليه بقدمي.
أعرف أنه ليس أول "تاج" أضاع الطريق إلي، وربما تحديدا لأجل ذاك سأمد يدي إليه وأمسك بطرفه.
من قال أن الرسائل لا تصل إلى أصحابها؟ قد تتأخر – عاما، عشرا - لكنها في يوم ما تصل إليهم، أو يحضرون لاستلامها كما فعلت... مهما اتسع يبقى العالم صغيرا بحجم كرة الثلج.
شكرا ساعي البريد.

جاء في هذا التاج
دودة الكتب أن
التقط أقرب كتاب إليك.1 :
2. افتح الصفحة 123، وعدّ من بداية الصفحة، إلى الجملة الخامسة
3. اكتب الثلاث جمل التالية لتلك الجملة «الخامسة» في مدونتك
4. لا تنس كتابة اسم الكتاب والمؤلف
5. مرر «التاج» لثلاثة آخرين!
سأعترف من البداية أني سأنسى – عامدة أوغير عامدة – المطلب الأخير لحلول الحول وعدم اكتمال نصاب الزكاة لدي

-
من "وجوه" لـ محمد شكري.
* ثالث و آخر ثلاثية سيرته الروائية.


هناك كثير من المجانين في كل مكان يريدون أن يتسلوا والحاقدين كذلك لأنك تعيش أفضل منهم.
- لكن هنا ليست لك أي عداوة مع أحد؟
- لا يمكنك أن تعرف ما يخبئه لك أي إنسان حتى وإن كنت لا تعرفه.