Sunday, May 6, 2007

تلك الحواء البكاءة




اليوم انقلب إلى حواء بكاءة لا أحب رؤيتها. مذ شرعت بقراءة ما حمل إلي وهذه الدموع لا تمل ولا تكف، بل وتجرف بوقاحة كحلا أسكنت بعيني لتوطنه على خدي دون استئذان. اقرأ في أوراقي التي كنت قد نسيت ولم أعرف أنه يحفظها عنده أو لمَ. أقرأ أشياء كثيرة تشبهني أم أنها كانت تشبهني؟ يوقعني في حيرة كبيرة ويخرج هكذا ببساطة. اقرأ تاريخ الحب، عن العاشقين، عن حكاية كانت هُما. هوامشي، عبثي، ضحكي حزني وفرحي كلها يضعها بين يدي ثم يذهب. ينشد السياب : " مطر مطر مطر... أتعلمين أيَّ حُزْنٍ يبعث المطر؟ وكيف تنشج المزاريب إِذا انهمر؟ وكيف يشعر الوحيد فيه بالضّياع؟ بلا انتهاء – كالدَّم المراق، كالجياع، كالحبّ، كالأطفال، كالموتى– هو المطر! "
اقرأ المزيد وتنهمر المزيد من أمطاري السوداء دون أن تفلح في إخماد حريق أشعل بداخلي ذاك الحالم الساخر، رجل التناقضات.

حين جمعتنا تلك الطاولة حيث امتزجت أوراقك بألواني لتتمخض عن قالب واحد، حينها آثرت البحث عنك في سطورك المقلمة على شرخ جدية كانت ثالثتنا ولم أعرف من دعاها لحضور اجتماعنا وفضه سريعا. وها أنت بعد سنوات تسر إلي بأنك تفعل ذات الشيء فتبحث عني في لوحاتي. حين وجدتك واقفاً بعتبتي بيد ممتدة نحوي وجبين تلتمع عليه حبات القلق شعرت بأن صديقا قديما عاد من سفر بعيد وبدا طبيعيا جدا أن أسلم إليك يدي ونتشاطر ما فاتنا من عمر وما سيكون.

اليوم فقط كنت تسألني إن كنت أبكي ومع رحيلك ها أنا أبكي.

من أين جئتني يا رجل وأناّ لك هذه القناعة المخيفة التي أرى في عينيك وفي قبضة تأبى أن تفلت معصمي. من أوحى إليك بأني قطة وليدة عليك حمايتها. ومن يحمي قلبي من التعلق بعطفك الفائض ورجولة باذخة تسكنك !